الأميرة الأردنية وجدان علي
لوحات حروفية أم قصائد لونية ؟ كتيت وجدان في وصف المزايا الأساسية للفن الإسلامي (( يركز الفن الإسلامي على التمثيل الروحاني للأشياء والكائنات وليس على صفاتها المادية لم يعن الفنانون الإسلاميون بالمحاكاة الدقيقة للطبيعة بل اختاروا أسلوبا ثنائي الإبعاد ليعبروا عن رؤيتهم وكان هدف الفنان يكمن في تصوير خلود النفس
ومن أهم الميادين التي أبدع فيها الفنانون المسلمون الفن الحروفي ويعود ذلك إلى أهمية الكلمة المكتوبة في العالم الإسلامي فالقران مرجع المسلمين في العالم كان المصدر الأول الذي استلهم منه الفنانون الحروفيون إعمالهم الأمر الذي سما بفن الحروفية العربي إلى مرتبة لم يرق إليها فن الحروفية الغربي وفي حين وصل فن الحروفية الإسلامية إلى أوج مجده في القرن الرابع عشر فان المساحة الفنية الحالية لا تزال تضم نماذج فنية تقليدية لكن الفنانين العرب تفاعلوا مع التيارات الفنية الغربية الحديثة وتأثروا بها الأمر الذي شجعهم على الابتكار الفني وابرز مثال على ذلك اللوحات الحروفية التي أبدعتها الأميرة وجدان والتي رسمت من خلالها ملامح فن حروفي حديث يجمع بين العراقة والأفكار الحديثة 0
وخلال التسعينات رسمت وجدان عدة لوحات حروفية أطلقت عليها اسم (( التجريد الحروفي )) واختارت الأميرة للوحاتها خلفية اكريليكية ورسمت الحروف بالفرشاة بدلا من القلم الذي يفضله الحروفيون العرب كما نثرت عليها نقاطا وحركات أبرزتها بألوان أخرى 0 وإذا كانت الحر وفية هي الفن الإسلامي بامتياز فان الشعر يمثل جوهرة العرب الذين أبدعوا أمهات القصائد منذ أيام الجاهلية فقد كان الشاعر هو الناطق الرسمي باسم القبيلة و عرافها والمعبر عن تاريخها وثقافتها وهويتها وكلمة شاعر بحد ذاتها توحي بقدرة سحرية على الإحساس بالأمور غير المرئية وبملكة إبداعية خاصة تجعل الشاعر قادرا على الغرف من عالم الإمكانيات والاحتمالات وفضاء الخيال لخلق صور جميلة تتمازج فيها الوقائع مع الألغاز وكانت القبائل العربية تتجمع مرو سنويا في مكة وهي المركز المديني والديني في شبة الجزيرة العربية حيث يشارك الشعراء في مسابقة سنوية في سوق عكاظ وكانت الشهرة والتقدير الكبيرين يذهبان إلى الشعراء السبعة الذين تعلق قصائدهم على أستار الكعبة خلال العام وتكتب بحروف من ذهب وهكذا فان الشعر بالنسبة إلى العرب يحظى بدرجة عظيمة من التقدير جعلت أجمل القصائد تعلق على أستار الكعبة قبلة المسلمين 0
ورسمت وجدان في أخر لوحاتها الحر وفية مقاطع من قصائد الشاعر اللبناني شربل داغر على ورق يدوي الصنع في عملية إبداعية تعد نقطة انطلاق جديدة في عمل وجدان وتتنوع الأوراق المستخدمة بين ورق "واشي" "الياباني " إلى الورق الصيني والتايلندي والكوري والياباني مما يولد طبقا واسعا من الانطباعات الفنية فأوراق التوت والحرير اليابانية شفافة وقوية في حين يتحول ورق الأرز الصيني عندما يلمسه الماء إلى ورق هش يتمزق بسهولة 0
وعمدت الفنانة بغية تقوية بعض الأوراق إلى استخدام غبار الذهب وحبر الذهب فضلا عن الألوان المائية وتبدو الكلمات وكأنها قهرت أمام هذه الطبقات متعددة الألوان فغاصت في الورق تاركة للون والورق مهمة التعبير عن أشعار توحي بأجواء تتجاوز الأفاق المنظورة وهكذا يجتمع الفنان والشاعر وكل منهما عراف بطريقته الخاصة ليحولا خلجات النفس إلى واقع لوني تجريدي000
المصدر فنون الشرقية
Bookmarks